منتدى الغلث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الغلث

منتـدى ولا اروع
 
أحدث الصورالرئيسيةالتسجيلدخول

 

 الحكاية رقم 8- من خارج عن التغطية!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم بن ساهي الغلث




المساهمات : 22
تاريخ التسجيل : 19/02/2012

الحكاية رقم 8- من خارج عن التغطية! Empty
مُساهمةموضوع: الحكاية رقم 8- من خارج عن التغطية!   الحكاية رقم 8- من خارج عن التغطية! Icon_minitimeالإثنين مايو 07, 2012 3:57 pm



8- دموع في ليـالي القمر

في ليـلة من ليـالي القمر، عندما تبرد نسمات السَّحر والقمر يسير وئيدا نحو مخدعه عندها سيـطفئ سناه قبل أن تطوي شمس الشروق هالاته، وتمحو كل بقايـا صفحة الليل إلى الزرقة في السماء.
كان ينظر إليّ ينتظر مني نظـرة الوداع، فـهززت رأسي أسفا وأساً، فكم تشقيني تلك اللحظات وترديني في طيـاتٍ ودوائـر من الضياع.
- هل هذه اللحظات تليـق بالدموع؟
- هل أودعــه بالدموع، وقلبي يرقص فــرحا
للحبيب القادم؟
أم أودعه بابتهاجي؟
- أيليق بي؟ أو منّي؟
هل أكون جاحد للـود .. ناكر للجميل؟
- ألا أكون قاسيا .. ظـالما ؟

كم أنسْتُ به، كليـلتي هـذه، وخفـف عن قلبي صليات من عذاب الانتظـار، وكان حفيظا للسر، ولطيف العشرة بـرفقتي في رحلـة الليـالي نحو حبيب الفجـر، ولقـد أحببتـه، واعتدت عليه ولكن!
حين نصل معـا الى تلال أفق الفجر وأكون مرهقـا بما حملت من الأشواق، وقد أضناني السهر، أجد طلائع الفجر تحتضني مرحبـة وتمزج لي كاس مصير مؤلـم، كالذي مزج له القضاء، حين مزجه من الليل والنهار، من الظلمة والنور، ومن البريق والعتمة، ومن الموات والحيـاة!
فجعل لي مثلهـا! وفي أسعد لحظـاتي، فمزج لي لوعة الوداع بروعة اللقـاء، ودموع الـفـراق مع بهجـة الـعناق، ومريـر البكـاء في الـفرحة والابتسام..
فـقدمهما لي كأسا مترعـة بالسقام وجعلهما مصيري، أتجرعهما في آن، وكل فجـر.. يسقيني السـعادة ملوثة بالشـقاء.
لأن فيه حبيـبـا حتما سأودعه!
سار معي طيلة ليلي، مسارات النجوم على صفحة السماء، ظل فيها الأنيس والعزوة، ورفقة السفر عهـد ووفـاء..
وفيه حبيب الفجـر!
من أسـافر إليه ليـلي، وقلبي أحمال من الآمال، وبالأماني وبلهفـة أشـواقي للـقاء..
والآن! بوصولي للفجر في نهاية رحلتي ستسكب عيناي دمعتين!
دمعـة سعادة ببلوغ الفجر وقرب الاستقبال، للحبيب، ودمعـة حزن لرحيل الفجر بالـوداع للرحيل والانفصال!
كقطرات النـدى، نتـاج مزج الفجر للمـاء بالهـواء! للجفوة ببرودة الالتـقاء، تتقاطر الدمعات مني، لأنها الممكن، فقط!
من مزيج فرحـة اللقـاء بأحزان الـفـراق..
- يـَـا فجر.. ما أقسـاك!
أأرحل ليلتي بأحضان اشتياقي للأحبة وتستضيفني بهـذا
الكأس المسموم؟
لأودع فيك حبيبا .. ولأســتقبل فيـك .. في اللحظة
حبيب..
- أتـنـهي عنــاء رحـلتي إلي بسـعادة باكية؟
هل هذه اللحظات تـليـق بالدموع ؟
أيا فجر!
- أتيتـك اللحظة مسافرا لأستقبل حبيبا وها أنت تُكرهني
فيها على فراق حبيب!
أهـذه اللحظـة تليـق بالدموع؟

أخيرا!
وقفت مـرهقـا مثقـلا ، وممزقـا بهواجسي لأودع حبيبي القمر! حتما للاعتذار وطلب الـصفح، فاتجهت ببدني وأنظاري نحو الشرق .. حيث ستدور الملحمة ، هنـاك!
حيث الصراع سيلتحم الأضداد، صراع البقاء بين نـار ورمـاد! ولن تنتهي إلا حاسمة بهزيمة، ورحيل أحدهما، وسيكسب النـهار، على مركب الشمس سيطارد فلول الليل، حتى أطراف السماء، وينـتصر النـور مبـددا الظلمة!
وأزداد تـوتـري! أصبحت مشوش الذهن مضطرب الأفكار محموم المشاعر! وفي كل ذلك أشـعر بشيء من الارتياح ويملئوني التفاؤل، بإحساس اليقين، بـأن لحبيبي الـقمر قلبـا كـبيـاض لـونـه النـاصع، الـذي أحببته فيـه، فقلت له:
حبيبي يـا قمر!
وداعــا! وكم تشعرني هذه العبارة بالإحباط والعجز، كأني أهـوي الى اللا نهاية أو لأرتطم بالفنـــاء.
وكم تـزعجني لحظات الوداع للفراق!
لهي أشـد وأقسى إيلاما! متى كانت لحبيب وصديق ورفيق في السفر، ونديـم جـواد مؤنس في السمر!
فـــآه! من شــقوتي بفراقك!
وآه! كم كان ليلي حـلوا بـك والسـهر.
فبعد لحظات! سـتتركني، وتترك بي ألمك شــفيقا
رفيقــا ورقيقـا، حتى لـقــاءنـا في القريب المنـتظر.

أبتسَـم لي! ولوّح مودعـا، بضوء متعب أنهكته رحلة الليل الطويلـة، وبدأ يغـوص متسللا، يتخـلل زرقـة عميقـة قبل أن يبتلعـه الاجتيـاح، بزحف مركب الشمس القـادم ويحسم الملحمة.
وبـعـد بعض من الساعة، تضمحل الى بضع من الدقائـق وتتلاشي في بضع ثـواني. وتنـفـُق جميعهـا، ثم هناك..! سيشتعل الأفق كالحـريق، أحمرا كاللهيب و...
عفوا، عفوا! لقد شطح بي الفكر وأخطأت في الـتعبـير!
أردت الـقـول:
سيصحو الفجر مبتسما، ووجنـات الأفـق متفتحة بلون الـورد، الذي يـفـوح عبـيره مع نفحات أجنحـة النسيم وتخترق بساتين البلدة، وتحلق مبتهجة بحملها من عبق الـورود والفل والـيـاسمين، ليـنـال كل من أفـاق ومن أجلها هجر عذب المنـام من الأنــام، تلقيها كتحية الصباح، بالسلام وبالأماني ولكن! لم أزل لا ادري؟ هل أفرح أم أترح ؟
أأكبت الأنين أم أصرخ!
بصرختي أبـقر بطن الفضـاء، فهناك.. قـادم لحظات لن أعرف منهـا.. بهـا نـفسي!
أهي بهجة أم أحزان؟ فـراق أم لقـاء، ابتســامة أم دموع؟
والحق! أحبـبتـها، تناقضاتها حتى الثمالـة، بالعيش بين فرحها وألمهـا!
فـأريـدها أن تمـتزج بي الآن، وتتحـدَ بي، كـدمي وروحي في جسدي.

وأكـاد قـبل الأوان.. أن أسمع صوت دبيب حذائها الصغير اللامع. إنها ليست وقـعـا للخطى ..
بل! هي قبـلات على خد الأرض النديـة، فرشت ببلورات ماسيـة بطلل الـفجر، المتورد الأوجان بالخجل!
ورغم إحساسي برعشات خفيفـة، تسري بحنـان في أوردة جسـدي، تتسلل من النسمات البـاردة، فـقد كنت أحصيت تلك الخطـوات مسبقا مرارا وتكرارا، إنهـا فقط.. ست قبـلات!
لتكون قـد توارت في جـوف السيارة الحبـيـبـة!
والبغيضة في آن!
فهي تنطـلق بهـا أمامي بنشوة الصباح، بخبث! وأنـا مازلت أحترق بأشواق الليل، لتؤجج بي غِـيرتي بأضعاف.
فمـا أراه بعينيّ.. ليس كما أراه بقلبي، وبمخيلتي!
فـأنـا أراها تحضن .. محبـوبتي الصغـيرة!
ثم تنطلق بهـا.. بزهو هازئــة بي، لتغيظني وهي تعبر من أمامي متراقصة!
ثم تعدو بها رشـيقة طول مسافة الطريق من ضاحية الحويـة إلى البلدة الكبيرة الصاخبـة، ولكنها تحميها عن كل عين متطفلة حتى تخفيهـا بين جدران مدرستها والفصول في كل يوم دراسي جديـد.
وأكون عندها! قـد رحلت أحمل حـقيـبة كـتـبـي وانحسرت في أفواج من الطـلبة، تنزعنـي بعيـدا عنهـم كل حين لحظـات متـواترة، محلقـا مع النسور أتـحـرق شوقـا وأمـلا.. وأستعيد رحـلاتي في ليالي الـقـمر!
وبحثـا عن لـقـاء جديد بأحبـة الـفجــر من جديد.
وقبل هذا! أي بعد رحيل المحبوب والمحبوبة مباشرة، أكون حمـلت دفـتري، أو "قـلبي الـدفـتري"! وهو سجل وقـائع رحـلة ليـلتي لحـظـة بلحظة، وما رصد في سالف الليـالي!
فيـه تراكمات آمـالي وآلامـي، وأخبار سكنـاتي وحركاتي، ومنظار وسجل يرصد مزيج ذكريـاتي، بحُلـوَها ومرّها، على صفحات منها القديم، اختفت منها أسطر وحروف كثيرة، غسلت أثـارها أو تشوَّهت مـعالمها، في عدوان دموع تفجرت منهمرة، وسالت فوقها كطـوفان، في ليلـة حالكة، لا قمر يـضيء بأعمـاقي ولا أهتـدي بومض آمالي!
وسواد عينايّ يكاد يختلط ببياضها، المخضب بحمرة قانية رسمتها رحلات السهر الطويلـة، وحيدا لا أرى من يسير معي بين طرفيـها إلا بعض من نجوم باهتة تلهث للصمود، من أقـصى البعيـد، خلـف ألق ابتسامة.. الـنديم!
تشبه ذلك الاضطراب في صفحة السماء حين تتلبد سوداء المزن مثقلـة الـقلب بأعذب الدموع، وقد أحاطت بأطراف العين تلك الغيوم البيضاء، حـورا حول عـين الليلة الدامعـة، وغلف الحـور غـلالة من الغيوم الـوردية، بعـد أن سكبت أدمعا لم يعـد بالإمكان كبحـهـا!
فاستقرت على صفحة أرض مشتاقة، كصفحاتي الملتهبة بأحـزاني، المكتـوبة بنـواح القلم على السطور، ورجعه يتردد أنينـا في صمت الليل، فتغتسل صفحتي بالدموع وبرد الوجد وقـد ذاب ما تحت الـدمع من ساخن الأحبار!

وفي الغـداة تعلن الصفحة النواح على فقيدها من الكلمات والحروف، ولكني أجد العزاء!
أجده في مكانها ومن بقايـاها، فهي معالم لا تفنى وتظل على الدوام ملتـهبة، تنبـض بإحساس تلك الكلمة الخطـير، متوهجة كتلك الجوهرة الثمينة اللامعة الـتي انتزعت من خزائني، فبريقها يتأجج لم يبرح ذلك المكان، فهي عصارة مضية من الحس سكبت حينـها مشرقـة في كلمة بائسة غرقت بدمعة يائسة فرت في ليلة ظلماء!
وأنـا على الدوام أشعـر بذاك البريق في مكانـها الذي ما زال رطبا بصدق أحاسيس ليـلتي المـلـتهبة وكأنهـا الساعة أمامي تتراقص بأفراحي أو تنزف منها جـراحي وأشعر فيها بنفس الألم الذي أسقط الدمعـة لحظة البكاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحكاية رقم 8- من خارج عن التغطية!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الغلث :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: